responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 76
وَهَذَا الْآخَرُ لَيْسَ بِشَيْءٍ يَكُونُ تَرْجِيحًا مَعَ المبالغة فكذلك هاهنا بَالَغَ لِكَوْنِ الْمُكَلَّفِ مُتَوَغِّلًا فِيهَا.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ: قَالَ هُنَاكَ: خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [الْأَنْعَامِ: 32] وَلَمْ يقل هاهنا إِلَّا لَهِيَ الْحَيَوانُ، لِأَنَّ الْآخِرَةَ خَيْرٌ لِلْمُتَّقِي فَحَسْبُ أَيِ الْمُتَّقِي عَنِ الشِّرْكِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَالدُّنْيَا جَنَّتُهُ فَهِيَ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الْآخِرَةِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْآخِرَةِ بَاقِيَةً فِيهَا الْحَيَاةُ الدَّائِمَةُ فَلَا يُخْتَصُّ بِقَوْمٍ دُونَ قَوْمٍ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: كَيْفَ أُطْلِقَ الْحَيَوَانُ عَلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ مَعَ أَنَّ الْحَيَوَانَ نَامٍ مُدْرِكٌ؟ فَنَقُولُ الْحَيَوَانُ مَصْدَرُ حَيَّ كَالْحَيَاةِ لَكِنَّ فِيهَا مُبَالَغَةً لَيْسَتْ فِي الْحَيَاةِ وَالْمُرَادُ بِالدَّارِ الْآخِرَةِ هِيَ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ الْحَيَاةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الْحَيَاةُ الْمُعْتَبَرَةُ أَوْ نَقُولُ لَمَّا كَانَتِ الْآخِرَةُ فِيهَا الزِّيَادَةُ وَالنُّمُوُّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ [يُونُسَ: 26] وَكَانَتْ هِيَ مَحَلَّ الْإِدْرَاكِ التَّامِّ الْحَقِّ كَمَا قَالَ تَعَالَى: يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ [الطَّارِقِ: 9] أَطْلَقَ عَلَيْهَا الِاسْمَ الْمُسْتَعْمَلَ فِي النَّامِي الْمُدْرِكِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ: قَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ: أَفَلا تَعْقِلُونَ [الأنعام: 32] وقال هاهنا: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وَذَلِكَ لَأَنَّ الْمُثْبَتَ هُنَاكَ كَوْنُ الْآخِرَةِ خَيْرًا وَأَنَّهُ ظَاهِرٌ لَا يَتَوَقَّفُ إلا على العقل والمثبت هاهنا أَنْ لَا حَيَاةَ إِلَّا حَيَاةُ الْآخِرَةِ، وَهَذَا دقيق لا يعرف إلا بعلم نافع. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 65]
فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ (65)
إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ الْمَانِعَ مِنَ التَّوْحِيدِ هُوَ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا، وَبَيَانُ ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُمْ إِذَا انْقَطَعَ رَجَاؤُهُمْ عَنِ الدُّنْيَا رَجَعُوا إِلَى الْفِطْرَةِ الشَّاهِدَةِ بِالتَّوْحِيدِ وَوَحَّدُوا وَأَخْلَصُوا، فَإِذَا أَنْجَاهُمْ وَأَرْجَأَهُمْ عَادُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا وَأَشْرَكُوا. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 66]
لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (66)
وَفِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ اللَّامَ لَامُ كَيْ، أَيْ يُشْرِكُونَ لِيَكُونَ إِشْرَاكُهُمْ كُفْرًا بِنِعْمَةِ الْإِنْجَاءِ، وَلِيَتَمَتَّعُوا بِسَبَبِ الشِّرْكِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ بِوَبَالِ عَمَلِهِمْ حِينَ زَوَالِ أَمَلِهِمْ وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ اللَّامُ لَامَ الْأَمْرِ وَيَكُونَ الْمَعْنَى لِيَكْفُرُوا عَلَى التَّهْدِيدِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فُصِّلَتْ: 40] وَكَمَا قال: اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ/ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ [الأنعام: 135] فساد ما تعملون. ثم قال تعالى:

[سورة العنكبوت (29) : آية 67]
أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ (67)
التَّفْسِيرُ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا الدَّقِيقُ وَجْهُ تَعَلُّقِ الْآيَةِ بِمَا قَبْلَهَا، فَنَقُولُ الْإِنْسَانُ فِي الْبَحْرِ يَكُونُ عَلَى أَخْوَفِ مَا يَكُونُ وَفِي بَيْتِهِ يَكُونُ عَلَى آمَنِ مَا يَكُونُ لَا سِيَّمَا إِذَا كَانَ بَيْتُهُ فِي بَلَدٍ حَصِينٍ فَلَمَّا ذَكَرَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ حَالَهُمْ عِنْدَ الْخَوْفِ الشَّدِيدِ وَرَأَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَاجِعَةً إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ذَكَّرَهُمْ حَالَهُمْ عِنْدَ الْأَمْنِ الْعَظِيمِ وَهِيَ كَوْنُهُمْ فِي مَكَّةَ فَإِنَّهَا مَدِينَتُهُمْ وَبَلَدُهُمْ وَفِيهَا سُكْنَاهُمْ وَمَوْلِدُهُمْ، وَهِيَ حَصِينٌ بِحِصْنِ اللَّهِ حَيْثُ كُلُّ مَنْ حَوْلَهَا يَمْتَنِعُ مِنْ قِتَالِ مَنْ حَصَلَ فِيهَا، وَالْحُصُولُ فِيهَا يَدْفَعُ الشُّرُورَ عَنِ النُّفُوسِ وَيَكُفُّهَا يَعْنِي أَنَّكُمْ فِي أَخْوَفِ مَا كُنْتُمْ دَعَوْتُمُ اللَّهَ

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 25  صفحه : 76
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست